Chat With Us

اشتري الان

كلامبات واقفال









Alsaeedy Group for general supplies

مقالات

مراحل نشأة الكتابة الإنسانية 3-4

المرحلة الثالثة: مرحلة الكتابة المقطعية

لم تبق الكتابة اللوغرافية أو الكلمية على وضعها ذلك زمنًا طويلا فسرعان ما أدخل عليها تحسين يهدف إلى تخليص تلك الرموز من التعقيد والغموض، فجاءت فكرة تقطيع الكلمة ؛ أي أن الرمز الواحد أصبح يعبر عن مقطع من الكلمة وليس عن الكلمة كلها ، مثلا إذا أراد الكاتب كتابة كلمة تبدأ بالمقطع "يد" كما في "يدخل" فإنه يرسم صورة يد ويعتبرها مقطعًا هجائيًّا لا يراد به اليد ذاتها وإنما يعبر عن صوت الياء والدال وهذا ما سمى بالكتابة المقطعية، ولا يذكر التاريخ بوضوح كيف عبرت الكتابة من تصوير الكلمات إلى تصوير المقاطع ن لكن يمكن للدارس أن يتصور أن الإنسان قد أدرك البناء المقطعي للكلمات على نحوٍ ما مما يمكنه من تحويل الرمزية من الكلمة إلى المقطع 

ويمكن القول أيضًا بأن الدافع الذي أدى إلى ظهور الكتابة المقطعية هو الحاجة إلى تقليل الرموز فــ" رموز المقاطع مهما كانت أقل عددًا من رموز الكلمات نظرًا لأن هذا الرمز المقطعي يمكن أن يستعمل دالا أو جزء من دال في كل الكلمات أو المفردات المتشابهة صوتيًّا أو المتقاربة في هذا الجانب فمثلا المقطع "ما" يستعمل رمزه في الكلمات: ما ــ ماء ــ إنما ــ سماء ــ انتمي ــ هما. إلخ وهكذا عندما يلتقي بغيره يمكن أن يقلل عدد الرموز إلى حد كبير " 

وقد كان الدافع وراء الرغبة في الاختصار أن الإنسان ـ آنذاك ـ "كان قد ضاق ذرعًا مع اتساع أغراضه ، وتنوع أهدافه ، وتعدد مطالبه بتلك الرموز الكثيرة التي تمثل الكلمات ، بل قل تصورها وتحتاج إلى شيء كبير من الوقت والتدقيق".

وتعد اللغة السومرية من أسبق اللغات إلى استخدام الكتابة المقطعية وقد ساعدها على ذلك بعض العوامل اللغوية التي نسقت بين نظامها اللغوي وهذا النظام الكتابي من بين هذه العوامل:

1-       كثرة الكلمات ذات المقطع الواحد فيها ومن هنا فقد صار سهلا أن تتحول رموز هذه الكلمات إلى رموز مقطعية يمكن أن تستعمل في الدلالة على كلمات أخرى ، فمثلا الرمز الذي يشير إلى كلمة سهم وهو (TI) صار هو المقطع (TI) في كلمات أخرى مختلفة  .

2-       "استعداد البناء القاعدي في اللغة فقد اقتضي هذا البناء أن تتكرر بعض الرموز للكلمات الوحيدة المقطع للدلالة على الجوانب النحوية والصرفية فيها ، فكان هذا التكرار من العوامل المساعدة على استقلالية المقطع وجعله محلا للرمزية " .

وتعد اللغة اليابانية الآن اللغة الوحيدة الرئيسة في العالم التي تستخدم الكتابة المقطعية.

وقد واجهت الكتابة المقطعية عدة صعوبات منها:

استعمال الرمز الواحد للدلالة على عدد كبير من الألفاظ أو المعاني فالرمز (    ) مثلا يمكن أن يدل على المقاطع ZAL,LI,NI,I كما يمكن أن يعني الكلمات الآتية : سمن Rum ـ كثير DIL ـ بر RU ـ الخ.

"وقد زاد من هذه الصعوبات كثرة الألفاظ المشتركة التي حفلت بها اللغة السومرية واستعمل الأكاديون رموزها للدلالة على مقاطع معينة ، وما قام به هؤلاء من استعارة للرموز السومرية من منحها ألفاظًا جديدة من لغاتهم " .

لكن يكفي هذه الكتابة أنها قللت من صور الرموز نتيجة لاستخدام الرمز للمقطع بدلا من الكلمة.

وبعد فهل قنع الإنسان بما وصل إليه فكره من الرمز للمقطع بدل الكلمة، ومن استخدام الشكل بدل الصورة؟ لا نظن هذا، فإن إحساسه بالصعوبات والمشكلات في الكتابة المقطعية دفعه إلى مزيد من التفكير وبذل الجهد، وكانت الثمرة خطوة كبرى في عالم الكتابة لعلها أروع وأعظم ما اهتدى إليه ذلك الإنسان، إنها ما يطلق عليها الكتابة الحرفية.

المرحلة الرابعة: مرحلة الكتابة الحرفية:

الكتابة الحرفية هي "التعبير بأشكال الحروف عن أصواتها، وعلي ذلك فالرمز الكتابي فيها لا يدل على كلمة ولا على مقطع معين وإنما يدل على صوت واحد من أصوات الكلام أو اللغة .

وتختلف الكتابة الحرفية عن سابقاتها في أن الرمز أصبح يدل فيها على صوت من أصوات الكلمة بدلا من أن يدل على مقطع أو كلمة أو غير ذلك مما كان يدل عليه في المرحلة الأولى، وهذا مما يجعلنا نتساءل عن كيفية انتقال الكتابة من المرحلة المقطعية إلى المرحلة الحرفية؟ وعن الموطن الأصلي لهذه الكتابة؟

أدرك واضعوا نظام الكتابة الحرفية ما في النظام السابق لها (الكتابة المقطعية) من قصور ، كما أدركوا مدى الحاجة إلى نظام كتابي يتناسب مع حاجات العصر المتعددة إلى الكتابة فتأملوا نظام اللغة ، وعرفوا بعد تحليل لغوي سليم أن اللغة أي لغة إنما تتكون من تلك الوحدات ذات العدد المحدود والتكرار الواسع ، والتبادل الكبير ، والتوافق ، والتحالف الخطيرين ، وكانت النتيجة أن عرفوا الحروف الكتابية واستعملوها فكانت الكتابة بحق مفتاح حضارة الإنسان، والقول بانتقال الإنسان إلى تلك المرحلة الكتابية طفرة قول لا يستطيع أحد أن ينكره  .

 وقد اختلفت كلمة الباحثين في الموطن الأصلي للكتابة الحرفية حيث ذكروا أن بوادر هذه الكتابة قد ظهرت عند عدة شعوب منها المصريون القدماء الذين عرفوا من رموزها أربعة وعشرين رمزًا لكنها لم تكن في تصورهم كافية فما كان منهم إلا أن أضافوا إليها العديد من الرموز الكلمية والمقطعية ، ومن ثم لم تخلص كتابتهم لتصوير الحروف والأصوات بل بقيت مع ظهور الرموز الحرفية بها جامعة لكل أنواع الرموز الكلمية والمقطعية والحرفية .

ومع اشتمال كتابة المصريين على كل هذه الرموز نرى بعض الدارسين يذهب إلى أن الكتابة المصرية القديمة هي الأصل في الكتابة الحرفية، وأن الأبجدية السامية (الفينيقية) مأخوذة عنها واعتمد في ذلك على بعض الظواهر التي تشترك فيها كل من اللغة المصرية القديمة واللغة السامية - في رأيه - والتي يذكر منها:

1-  أن الكلمة فيها تصاغ من سواكن ولا تظهر فيها الحركات إلا حين ينطق بها.

2-  يوجد بعض الخصائص النحوية والصرفية في اللغة المصرية تماثل الخصائص نفسها في اللغة السامية، من هذه الخصائص: وجود الاسم الجامد والمشتق، والفعل بأزمانه، والظروف (ظرف الزمان والمكان)، وحروف العطف، والتذكير والتأنيث (التأنيث المعنوي والتأنيث بالتاء)، ثم المفرد والمثنى والجمع (الجمع بألوانه الثلاثة)، والضمائر المتصلة والمنفصلة، والبناء للمعلوم وللمجهول، والصفة تتبع الموصوف في جميع أحواله

ويرد هذا أن الكشوف العلمية قد أظهرت كتابات حرفية تنسب إلى شعوب قديمة مثل الكتابة الكنعانية (الفينيقية)، والكتابة المنسوبة إلى جنوب الجزيرة العربية وهي منسوبة إلى معين وحضرموت، وتعد الكتابة الفينيقية هي التي تمثل النظام الحرفي بصورة كاملة كما أنها أصل كل الكتابات الحرفية نظرًا لخلوها من الرموز الكلمية والرموز المقطعية التي اشتملت عليها الكتابة المصرية

ولا غرو أن تكون بداية الكتابة من الفينيقيين فإنهم تعاطوا التجارة، ولم يشتغلوا إلا بها ولهم المدن البحرية في المشرق والمغرب، ولابد لأصحاب التجارة من المكاتبة والمراسلة مع شركائهم في الأصقاع الشاسعة - كما لا يخفى- فاضطر الفينقيون إلى استعمال أحرف الهجاء والانتفاع بها .

 

 

 


اقرأ أيضا : مراحل نشأة الكتابة الإنسانية 1-2 

 

 

 

 

رئيس تحرير المدونة عبدالله مصطفي

 

 

01024076008


مقترحات
- ما دور المقبض في فتح الباب؟
- من ماذا مصنوع المقبض؟
- ما هي وظيفة المقبض؟

Get help instantly