أنشئ متجرك الإلكتروني على منصة إلكترا خلال دقائق وابدأ البيع من أي مكان.
✨ سجّل مجانًا الآنمقالات
آفة العصر.. الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية
لا أنسى أبداً كم الحالات التي لا تستجيب لمعظم المضادات الحيوية أثناء عملي في مجال الميكروبيولوجي و مزارع البكتيريا، أطفال وشباب في مقتبل العمر وعلاجهم الوحيد هو المضاد الحيوي ولكني أقف مكتوفة الأيدي أمامهم، فلا توجد استجابة والبكتيريا المسببة للمرض تقاوم كل أنواع المضادات الحيوية الغالي منها والرخيص!.
ويحضرني أيضاً كم الحكايات التي سمعتها عن الحالات التي تذهب للعلاج في الصيدليات، فترى المريض يعاني من دور برد أو حُمى أو التهاب في الأذن، ويذهب مسرعاً دون كشف أو استشارة طبيب يطلب علاجاً من الصيدلية وفجأة تراه جثة هامدة فور أخذ حقنة المضاد الحيوي.
هذه الأمثلة وبكل أسف هي نتاج الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية، فما السبب وراء مقاومة الجسم للمضادات الحيوية؟
وهل يُعقل أن يموت طفل أو شاب في هذا السن نتيجة عدوى بكتيرية يمكن علاجها بأحد المضادات الحيوية ويتنهي الأمر، ولكن الأمر عنده أشد صعوبة مما نتخيل والاستجابة صفر والواقع مرير وسيحاسب الله سبحانه وتعالى كل من يشارك في جريمة الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية.
إليك/ي هذا المقال الذي سيتناول شرح هذا الموضوع بكل بساطة، سنتحدث عن أهم صور الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية، وما له من آثار تهدد الصحة العامة.
يُعد فرط استخدام المضادات الحيوية في نزلات البرد أو الأنفلونزا من أشهر صور الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية في مصر، فمن المعروف أن المضاد الحيوي هو العلاج الأمثل للعدوى البكتيرية، ولا فائدة من استخدامه في الأمراض الفيروسية مثل الأنفلونزا، والتهاب الحلق، ونزلات البرد، ومعظم حالات السعال، وبعض التهابات الأذن والجيوب الأنفية (فيروسية المنشأ).
ويتلخص الأمر هنا في كون المضاد الحيوي لن يعالج المرض الفيروسي بل بالعكس فقد يسبب آثار جانبية؛ حيث يهاجم المضاد الحيوي البكتيريا النافعة في الجسم والمعروفة بإسم فلورا الأمعاء المفيدة، التي تقوي المناعة وتسهل من عملية الهضم، فيعزز من مقاومة البكتيريا الضارة للمضادات الحيوية فيما بعد.
يُعد التوقف عن تناول جرعة المضاد الحيوي فور الشعور بالتحسن وعدم استكمال الجرعة المطلوبة من أخطر صور الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية؛ لأن الجرعة الموصوفة من قبل الطبيب بلا زيادة أو نقصان كافية لقتل البكتيريا الضارة، والتوقف عن تناول باقي الجرعة يعزز من مقاومة البكتريا الضارة للمضاد الحيوي وتكون سلالات جديدة لا تستجيب بسهولة للعلاج.
يواجه العديد من أطباء الأطفال ضغط من الآباء والأمهات عند علاج نزلات البرد والعديد من الأمراض التنفسية والمعوية للأطفال؛ حيث يرغبون في تحسن الطفل من أعراض النزلات المعوية والعدوى التنفسية والحُمى بشكل سريع، فيصف بعض الأطباء المضاد الحيوي للطفل مرة، ويكرره الأهل العديد من المرات دون استشارة طبية، وينتج عن ذلك الفعل تغير في خصائص البكتيريا المسببة للمرض وتحور في شكلها ويتسبب ذلك في مقاومتها للمضاد الحيوي.
كما أن استخدام المضادات الحيوية يعمل على زيادة حالات الإسهال المميتة في الأطفال؛ حيث أثبتت الدراسات أن نصف المضادات الحيوية التي تُوصف للأطفال لعلاج نزلات البرد الفيروسية، ولا فائدة منها بل أن لها عواقب غير مرغوب فيها كالإسهال.
يُحرم القانون في العديد من البلاد صرف المضادات الحيوية من الصيدليات دون وصفة طبية (روشتة)، وفي بعض الدول تُحرم حقن المضادات الحيوية دون عمل اختبار حساسية أولاً؛ وذلك لأن هناك نسبة لا بأس بها من المرضى لديهم حساسية من بعض الأنواع من المضادات الحيوية وأشهرهم البنسلين والسيفترياكسون وغيرهما الكثير، وعند الحقن بدون عمل اختبار حساسية تحت الجلد يحدث صدمة تحسسية من الدواء غالباً ما تودي بحياة المريض في ثوانٍ معدودة.
ولذلك علينا أن نحرص على عمل اختبار الحساسية عند حقن المضادات الحيوية وفي المستشفيات لا البيوت أو الصيدليات؛ لأن الاستعداد لإنقاذ المريض من تلك الصدمات في المستشفى أكثر من أي مكان آخر.
وإيجابية اختبار الحساسية تتمثل في وجود التهابات، احمرار، وحكة في منطقة الحقن، وهذا يعني وجود حساسية للدواء ولا يجب إعطائه للمريض.
الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية في الماشية والطيور
يُعد هذا الفعل أيضاً من أحد الأسباب التي تزيد من مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية في الإنسان؛ وذلك عند ذبح الماشية والطيور قبل انتهاء فترة السحب ( الفترة الزمنية من إعطاء العلاج للحيوان وحتي خروج الدواء من جسمه أو وصول الدواء للنسبة المسموح بها)،
ووجود بقايا للمضادات الحيوية في غذاء الإنسان ذات الأصل الحيواني يقلل من كفاءة المضاد الحيوي وقلة فعاليته، ولذلك فهناك مسؤولية كبيرة على الأطباء البيطريين في الرقابة على الغذاء والتأكد من سحب المضادات الحيوية من جسم الحيوان أو وصولها للحد الآمن الذي لا يؤثر بالسلب على صحة الإنسان.
عند استخدام المضادات الحيوية في علاج الأمراض الفيروسية فسوف تعرض نفسك للآثار الجانبية للدواء وبدون أي فائدة تُذكرمنه.
تعزيز مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية يجعل علاج أي عدوى بكتيرية في المستقبل أمر شديد الصعوبة.
هناك تفاعلات دوائية بين العديد من الأدوية والمضادات الحيوية، وينتج عن تلك التفاعلات قلة فعالية المضاد الحيوي أو يحدث آثار جانبية مصاحبة، ولذلك فيمكن أن تعرض حياتك للخطر عند تناول بعض المضادات الحيوية دون استشارة الطبيب.
أخبر طبيبك إذا كان لديك آثار جانبية عند تناول المضاد الحيوي.
احرص على غسل اليدين جيداً، وطهر الجروح السطحية لتجنب العدوى البكتيرية.
لابد أن نُكمل جرعة المضاد الحيوي ولا نكررها دون وصفة طبية.
لا تصف مضاد حيوي من تلقاء نفسك حتى وإن كنت صيدلي فهذا الفعل يؤذي الكثير من المرضى.
على المريض أن يتبع إرشادات الطبيب و يقوم بعمل مزرعة البول أو الصديد أو الدم لاختيار النوع المناسب من المضادات الحيوية.
يجب علينا أن نخبر الطبيب إن كان هناك حساسية من دواء معين.
على النساء وخاصةً الحوامل والأطفال كذلك أن لا يأخذوا مضاد حيوي من أنفسهم، فهناك العديد من المضادات الحيوية الممنوعة عن الأطفال والحوامل.
لا تضغط على طبيب الأطفال بوصف مضاد حيوي لطفلك.
لا تعجل ودع الأمراض الفيروسية تأخذ وقتها ولا ترهق جهازك المناعي بتناول المضادات الحيوية التي لا فائدة منها في العدوى الفيروسية.
إن توقفت عن تناول جرعة المضاد الحيوي و تعرضت لعدوى متكررة فيما بعد، لا تُكمل علاجك من بقايا الجرعة السابقة.
لا تعالج نفسك بمضاد حيوي موصوف لشخص غيرك، ولا تسمح لغيرك بتناول المضاد الحيوي الخاص بك.
احرص على غسل الطعام جيداً وطهي اللحوم جيداً ولا تشرب اللبن الخام لتحافظ على صحتك من النزلات المعوية.
وختاماً فإن الإفراط في استخدام المضادات الحيوية من أخطر ما يهدد البشرية، وتحذر مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) من ذلك الكابوس المُنتظر وتؤكد أن حوالي ثُلث استخدام المضادات الحيوية ليس ضرورياً ولا فائدة منه.
رئيس تحرير المدونة عبدالله مصطفي
01024076008