مقالات
فقر الدم (الأنيميا).. الأسباب، الأعراض، العلاج
أنا لا أستطيع أن أبذل مجهوداً مثل أقراني، أشعر دوماً بالإرهاق وضعف عام في جسدي، كما أن الدوخة تلازمني والصداع لا يفارق رأسي، ويصل الأمر للإغماء عدة مرات وخاصةً في أيام الدورة الشهرية.
كانت هذه الكلمات لفتاة عشرينية من المفترض أنها في مقتبل العمر وفي قمة الحيوية والنشاط، ولكن يبدو أنها تعاني من ضعف عام ينتج عن فقر الدم.
إذا كنت/ي تعاني من الأنيميا فهيا بنا نتعرف سوياً على أهم أسبابها، والأعراض المصاحبة لها، والمضاعفات، وكذلك العلاج وطرق الوقاية.
فقر الدم أو ما يُسمى بالأنيميا هو حالة الجسم عند نقص نسبة الهيموجلوبين في الدم، وانخفاض عدد كريات الدم الحمراء، وينتج عن نقص الهيموجلوبين ( وهو البروتين الذي ينقل الأكسجين لجميع خلايا الجسم) أعراض الأنيميا المختلفة مثل الإجهاد وضيق التنفس وغيرها؛ لأن الأكسجين لا يصل بوفرة لكافة أعضاء الجسم.
ويُعد فقر الدم من أكثر الأمراض شيوعاً في العالم؛ حيث يصيب الأطفال في مختلف أعمارهم من الرضع إلى المراهقين، ويصيب النساء وكبار السن.
ومن الملاحظ أن هذا المرض يصيب النساء أكثر من الرجال؛ وذلك بسبب تعرض النساء لفقد كميات كبيرة من الدم كل شهر أثناء الدورة الشهرية، كما ينخفض أيضاً مستوى الهيموجلوبين لديهن أثناء الحمل ليمد دم الأم الجنين بمتطلباته.
وهناك أنواع كثيرة من الأنيميا، ولكل نوع سبب معين وعلاج مختلف، فهناك الخطير الذي يتطلب علاجاً مكثفاً، وهناك الذي يحدث كنتيجة فسيولوجية أثناء الحمل مثلاً أو بسبب سوء التغذية.
فقر الدم الناتج عن تكسير كريات الدم الحمراء، ويحدث ذلك بسبب هشاشة خلايا الدم الحمراء، ويسمى بفقر الدم الانحلالي وغالباً ما يحدث أثناء الولادة، ويمكن أن ينتقل عبر الجينات مثل ما يحدث في فقر الدم المنجلي والثلاسيميا.
فقر الدم الناتج عن فقد الدم أو النزيف، ويحدث ذلك للنساء بسبب الدورة الشهرية وخاصةً إذا كانت غزيرة، كما يحدث النزيف أثناء العمليات الجراحية أو عند الإصابة بالأورام الليفية، وعند حدوث قرحة المعدة والبواسير وكذلك بسبب السرطان الناتج عن كثرة استخدام المسكنات الغير ستيرويدية.
فقر الدم الناتج عن الخلل في إنتاج كريات الدم الحمراء، ومن أهم أنواع الأنيميا الناتجة عن هذا الخلل أنيميا نقص الحديد والفيتامينات مثل فيتامين ب 12، وكذلك فقر الدم المنجلي.
تختلف الأعراض حسب نوع الأنيميا وحسب نسبة الهيموجلوبين أيضاً ومن أهم الأعراض :
الصداع.
الشعور بالدوخة أو الدوار.
الشعور بضيق في التنفس.
الإعياء وعدم القدرة على بذل مجهود.
برودة الأطراف.
الشعور بألم في الصدر.
شحوب الوجه واصفرار الجلد.
عدم انتظام ضربات القب.
تتراوح أعراض فقر الدم من الإرهاق البسيط إلى الإغماء، فكلما نقص الهيموجلوبين زادت حدة الأعراض والإعياء المستمر والإجهاد بلا سبب، وهنا علينا أن نستشير الطبيب.
كيف يتم تشخيص فقر الدم؟
يبدأ الطبيب في التشخيص من خلال فحص المريض فحص شامل ومعرفة التاريخ المرضي للعائلة، وعندما يجد شحوب في الوجه والجلد وغشاء العين يطلب عمل تحليل صورة الدم الكاملة (CBC) ومن خلالها يتأكد من تشخيصه.
تتراوح قيم الهيموجلوبين عند الإنسان البالغ ما بين 13.5 - 17.5 جرامًا / ديسيلتر لدى الرجال، و 12 - 15.5 جرامًا / ديسيلتر لدى السيدات.
الهيماتوكريت: يهتم الطبيب بمعرفة قيم الهيماتوكريت وهو النسبة المئوية لحجم كريات الدم الحمراء في الدم، ويتم قياسها كجزء من صورة الدم الكاملة، وتتراوح النسب الطبيعية ما بين40.7-50.3٪ للرجال و 36.1-44.3٪ للسيدات.
تتضمن صورة الدم الكاملة فحص حجم وشكل كريات الدم الحمراء، ووجود أي تغيير عن الشكل والحجم واللون الطبيعي أم لا.
يطلب الطبيب أيضاُ فحص عينة من النخاع العظمي للمريض لمعرفة أسباب بعض أنواع الأنيميا.
بالطبع هناك مضاعفات خطيرة لفقر الدم وإن لم يتم علاجه فسوف يحدث الآتي:
بالنسبة للحوامل فإن لم يُعالج فقر الدم وخاصةً الناتج عن نقص حمض الفوليك أثناء فترة الحمل، فمن المحتمل أن تتعرض الأم لحدوث الولادة المبكرة.
يسبب الإرهاق الناتج عن فقر الدم تعطيل المهام اليومية للفرد وتأخر في حياته العملية بشكل كبير.
تسبب الأنيميا الناتجة عن نقص فيتامين ب 12 مشاكل في الأعصاب؛ حيث يعمل هذا الفيتامين على تعزيز نشاط الجهاز العصبي.
عند حدوث عدم انتظام في ضربات القلب، يعمل القلب على زيادة ضخ الدم لتعويض النقص في عدد خلايا الدم الحمراء، ويؤدي ذلك إلى حدوث مشاكل قلبية مثل تضخم القلب أو فشل القلب.
هناك بعض أنواع فقر الدم الموروثة مثل فقر الدم المنجلي، الذي يسبب فقدان الدم بشكل حاد وسريع ويؤدي إلى الوفاة.
يختلف علاج الأنيميا باختلاف نوعها ويتضمن العلاج الآتي:
أنيميا نقص الحديد: عادةً ما يلجأ الطبيب في علاج هذا النوع من فقر الدم إلى مكملات الحديد، و حث المريض على تناول بعض الأطعمة الغنية بالحديد وبعض الفيتامينات والمعادن.
إذا كان سبب الأنيميا هو النزيف، فعلاج السبب جراحياً أهم أولويات الطبيب لوقف النزيف ثم تعويض الجسم بالمكملات اللازمة.
يتطلب علاج الأنيميا الناتجة عن نقص الفيتامينات تعويض الجسم بتناول حمض الفوليك، وفيتامين سي، والحرص على تناول الأطعمة الغنية بهم مثل الخضراوات والفاكهة والمأكولات البحرية.
يتطلب علاج فقر الدم الناتج عن نقص فيتامين ب 12 فحص الجهاز الهضمي؛ حيث ينتج هذا النوع بسبب حدوث خلل في امتصاص فيتامين ب 12.
يلجأ الأطباء عند علاج فقر الدم عند كبار السن بعلاج المرض المسبب له أولاً.
يشمل علاج فقر الدم اللاتنسجي نقل الدم لتعويض النقص في خلايا الدم الحمراء، وفي بعض الأحيان يحتاج الأمر إلى زراعة نخاع إن لم يتمكن النخاع العظمي للمريض من إنتاج خلايا سليمة.
فقر الدم الناتج عن خلل في نخاع العظام يمكن علاجه باستخدام العلاج الكيميائي أو زرع نخاع العظام.
يتطلب علاج الثلاسيميا بشكل عام نقل الدم وتناول حمض الفوليك، وهناك أنواع من الثلاسيميا لا تتطلب علاجاً، وعلى العكس يصل الأمر في بعض الأحيان إلى استئصال الطحال و زرع الخلايا الجذعية في الدم ونخاع العظام.
فقر الدم الانحلالي: يحتاج هذا النوع إلى المواظبة على العلاج باستمرار، ويختلف العلاج من حالة لأخرى.
فقر الدم المنجلي: يلجأ الأطباء إلى مد الجسم بالأكسجين، واستخدام بعض المضادات الحيوية، واستخدام مكملات حمض الفوليك، واستخدام المسكنات والسوائل الوريدية لتقليل الألم.
وهناك بعض النصائح للوقاية من فقر الدم
الحرص على تناول وجبات صحية متوازنة وخاصةً الفتيات والأطفال؛ لكي يتمكن الجسم من إنتاج خلايا الدم بصورة صحية.
تناول اللحوم الحمراء والكبدة والفاصوليا والعدس.
تناول الخضراوات والفواكه بشكل يومي.
تناول الأسماك والمأكولات البحرية.
تناول الألبان بكافة منتجاتها المختلفة.
الحرص البالغ على تناول حمض الفوليك وفيتامين ب 12 للحوامل.
تناول الحمضيات التي تحتوي على فيتامين سي.