مقالات
صيام الأطفال بين الفوائد وبعض المخاطر
يتسارع الأطفال على مختلف مراحلهم العمرية في التسابق مع بعضهم البعض لصيام شهر رمضان المبارك، ومع تشجيع الآباء والأمهات يزداد الحماس والاستعداد للصيام، وإن هذا الأمر لشئ رائع للطفل والأسرة والمجتمع، ولكن هناك بعض النصائح حول صيام الأطفال في شهر رمضان.
فإن الله سبحانه وتعالى كتب الصيام على كل مسلم بالغ عاقل، وإن صيام الأطفال ليس بفرض وإنما نوع من مشاركة أهله في الصيام وتعليمه إياه لكي يتعود عليه فيما بعد، وبين هذه الروحانيات الجميلة والأجر العظيم واحتياجات الطفل من الغذاء والماء خلال يوم طويل في أيام رمضان هناك بعض النصائح والتوجيهات حول صيامهم في شهر رمضان.
إليك/ي عزيزي القارئ/ عزيزتي القارئة بعض الفوائد والنصائح والمحاذير في هذا الأمر شديد الأهمية فهيا بنا نبدأ سوياً.
في البداية يجب أن ندرك الفرق بين الواجب أو الفرض والعمل المُستحب، فالطفل لن يُحاسب على عدم الصيام إلا بعد البلوغ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (رُفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، والمبتلى حتى يبرأ، والصغير حتى يكبر)، ومع ذلك فإن صيام الأطفال أمر مُستحب حتى يتعودون على الصيام ويلتزمون به كونه أحد أركان الإسلام.
وأما السن المناسب لبدء تعليم الطفل صيام شهر رمضان هو ذلك السن الذي يتحمل فيه الطفل الجوع والعطش، ويختلف هذا السن باختلاف بنية كل طفل؛ فهناك العديد من الأطفال التي تعاني من مرض السكر وسوء التغذية وفقر الدم وغيرها من أمراض نقص العناصر في الجسم، وهؤلاء الأطفال لا يتحملون الجوع والعطش لفترات طويلة ويجب أن يتعودوا بالتدريج على الصيام، ولابد من توافر العناصر الغذائية اللازمة في وجبة السحور لكي لا يتعرضوا للإرهاق والدوخة والإعياء المستمر أثناء فترة الصيام.
وحتى يتعود الطفل على الصيام يجب أن يتمرن على الصيام من سن مبكر حتى وقت الظهيرة مثلاً أو إلى صلاة العصر، ثم يبدأ في الصيام إلى المغرب مع أهله بالتدريج، وعلى الوالدين أن يقومان بتعليم الصيام للطفل من سن السابعة ويُضرب على سن العاشرة، مثله مثل جميع الفرائض الواجبة.
حدثنا بشر بن المفضل حدثنا خالد بن ذكوان عن الربيع بنت معوذ قالت أرسل النبي صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار من أصبح مفطرا فليتم بقية يومه ومن أصبح صائما فليصم قالت فكنا نصومه بعد ونصوم صبياننا ونجعل لهم اللعبة من العهن فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار.
عندما يقوم الوالدين بتعويد الطفل على الصيام يُكتب الأجر للطفل ووليه، فقد رُوي عن عمر أنه قال: يكتب للصغير حسناته ولا تكتب عليه سيئاته، وبالإضافة للأجر العظيم للصوم فهناك فوائد صحية ونفسية تعود على الأطفال ومنها الآتي:
تعلم الصبر: إن الطعام شهوة مثل باقي الشهوات، وتعليم الطفل أن يمتنع عن تناول الطعام لساعات طويلة يُربي في داخله الصبر وقوة العزيمة وضبط النفس، ومن ثم يتعلم أن يسيطر على أهوائه وأن يواجه الفتن والمغريات عندما يكبر ويتعرض للكثير منها.
تعلم الشعور بالغير: عندما يشعر الطفل بالجوع والعطش لساعات طويلة يشعر بجوع الفقراء والمحتاجين طوال العام، فيتعلم أن يساعد غيره ويشكر الله سبحانه وتعالى أن رزقه.
الشعور بالفرحة: حدثنا عبد العزيز بن محمد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للصائم فرحتان فرحة حين يفطر وفرحة حين يلقى ربه قال أبو عيسى وهذا حديث حسن صحيح، ينمو لدى الطفل منذ نعومة أظافره شعور مميز عند قدوم شهر رمضان عندما تتزين الشوارع، و تعم السكينة في القلوب مع سماع أصوات القرآن تعلو في المآذن، وامتلاء المساجد بعمارها في صلاة التراويح، وعندما يبدأ الطفل في مشاركة أهله في الصيام تكتمل البهجة والسعادة.
تهذيب الأنفس: إن شهر رمضان فرصة عظيمة لتعليم الطفل العديد من العبادات والعادات المفيدة، فمشاركة الطفل أهله في التبرع لرقيقي الحال ممن حوله، وإعداد الشنط الرمضانية وتوزيعها على مستحقيها وغيرها من العادات والقيم التي تعود عليه بالنفع وتجعل يومه ملئ بالعبادات والأعمال النافعة تهذب نفسه، ويقل الوقت المُهدر في متابعة وسائل التواصل الاجتماعي والألعاب الالكترونية الغير مفيدة.
تعزيز القيم المجتمعية: يُنمي الصيام الشعور بالغير داخل الطفل فيتعلم أن يشارك في إفطار الصائمين لما له من ثواب عظيم، فيساعد أهله في إعداد الوجبات، ويساعد في توزيع التمور على المصلين في المساجد والشوارع.
زيادة مناعة الجسم: وهذه من أهم فوائد صيام الأطفال؛ فالطفل يحب الحلوى والأطعمة السريعة العالية السعرات، وأثناء الصيام يمتنع عن هذا كله ويتناول وجباته الصحية مع أهله فتزيد مناعته وتقل فرصة تعرضه للأمراض.
هناك بالفعل أضرار كثيرة لصيام الأطفال وخاصةً حينما يأتي شهر رمضان في شهور الصيف ذات الطقس الحار، وهذه هي أهم الأضرار:
الدوخة والإجهاد: ويرجع ذلك لعدم تناول وجبة كافية متكاملة العناصر في وجبة السحور.
انخفاض معدل النشاط اليومي للطفل: تتأثر وظائف الجسم المختلفة ويقل النشاط ويرجع ذلك لنقص سكر الدم وخاصةً عند الأطفال ذات البنية الضعيفة، ويمكن أن يصل الأمر إلى حدوث الإغماء في بعض الأحيان.
الجفاف: يُصاب العديد من الأطفال بالجفاف أثناء الصيام نتيجة عدم تناول السوائل والخضراوات الكافية أثناء السحور، وتتوالى مضاعفات الجفاف على حسب حالة الطفل؛ فيُصاب البعض بجفاف في قرنية العين، والبعض يتعرض لخطر الخلل والقصور في وظائف الكلى، وغيرهم يتأثر لديهم الغشاء المخاطي المبطن للأنف فتحدث الالتهابات، وهناك البعض ممن يُصاب بالاسهالات المستمرة مما يُعرض الطفل للوفاة.
بعض النصائح حول صيام الأطفال
علينا الاهتمام بنوعية الأطعمة المقدمة للطفل؛ فيجب أن تحتوي على كميات مناسبة من الخضراوات والبروتين والسوائل.
وجبة السحور هي وجبة أساسية ولا نقاش في ذلك الأمر، وإن كان الطفل نائماً يجب أن يستيقظ ويتناول طعامه وإلا سيتعرض للجفاف والإعياء طوال ساعات الصيام.
علينا أن نُحفز الأطفال بإعداد الوجبات المفضلة لهم على مائدة الإفطار.
علم الصيام لطفلك منذ السابعة فاجعله يصوم للظهر أو للعصر، ثم حفزه ليصوم للمغرب بعد ذلك مع إطاقته لذلك.
علم طفلك الصلاة في سن مبكر واصحبه معك للمسجد، بعد أن تعلمه احترام بيت الله وعدم إزعاج المصلين، فمشاركة الطفل لأهله الصوم والصلاة وغيرها من الفرائض يجعل في قلبه انتماء وحب لشعائر دينه.
احضر حصالة شهر رمضان، وعلم طفلك أن يضع جزءاً من مصروفه للصدقة.
لا تدع للعصبية والمشاكل الأسرية مكان في بيتك في هذا الشهر المبارك؛ حتى يتعلق الطفل بشهر الصيام وينتظره طوال العام.
إن كان طفلك يعاني من الأنيميا أو مرض السكر أو بعض أمراض الكلى أو القلب، لا تضغط عليه في الصيام قبل البلوغ دون استشارة طبيبك.
تحدث مع طفلك دوماً عن شهر رمضان وأهمية الصيام وما له من أجر عظيم من الله.
01024076008