مقالات
فضائل سورة البقرة
قال تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ. {الإسراء:82}، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ. {يونس:57}.
فالقرآن شفاء لما في الصدور وتعلمه بالحفظ والتدبر يجلب للعبد الراحة والطمأنينة، ولسورة البقرة فضل عظيم في حياة المؤمن الذي يقرأها باستمرار؛ ويرجع ذلك لأنها تعالج الحسد وتطرد الشياطين وتبطل مفعول السحر بحول الله وقوته، ووردت العديد من الأحاديث الشريفة عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل سورة البقرة.
كما أن سورة البقرة تحتوي على أعظم آيات القرآن الكريم وهي آية الكرسي، تلك الآية التي اشتملت على صفات الله عز وجل وأسماؤه الحسنى ونفت عنه النقائض.
فهيا بنا نتعرف سوياً على فضائل سورة البقرة وآية الكرسي مع ذكر الأحاديث الصحيحة الواردة فيهما.
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم العديد من الأحاديث الصحيحة في فضائل سورة البقرة في إبطال السحر وطرد الشياطين، وهذه هي أهم الأحاديث الصحيحة عن رسولنا الكريم:
1: في صحيح مسلم وغيره، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تجعلوا بيوتكم مقابر إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة.
2: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه، اقرؤوا الزهراوين: البقرة وآل عمران فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما، اقرؤوا البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة السحرة، رواه مسلم.
3: في صحيح ابن حبان والحاكم وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن لكل شيء سناما وإن سنام القرآن سورة البقرة، من قرأها في بيته ليلاً لم يدخل الشيطان بيته ثلاث ليالٍ، صححه الحاكم وحسنه الألباني.
وردت العديد من الأحاديث في فضل خواتيم سورة البقرة بدايةً من قوله تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 285، 286].
ففي الآيتين فضل وخير كثير للعبد وحث على اللجوء لله والاستعانة به سبحانه في كل وقت وحين والتوكل عليه وحده، فكما جاء في الصحيحين عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه، رواه البخاري.
، وكلمة كفتاه هنا أي حفظتاه من الشر والمكاره، وقيل أغنتاه عن قيام الليل.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطي في ليلة الإسراء ثلاثاً: أعطي الصلوات الخمس، وأعطي خواتيم سورة البقرة، وغفر لمن لم يشرك بالله من أمته شيئاً المقحمات.
وعن عبد الله بن عباس: أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته.
وعن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله كتب كتاباً قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة، ولا يقرآن في دار ثلاث ليال فيقربها شيطان. رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير.
تنتشر العديد من الأقاويل في فضائل سورة البقرة لجلب الرزق كالزواج والأموال، ولكن في الحقيقة لا يوجد دليل أو حديث يثبت ذلك الأمر، وفي العموم يمكن أن نستند أخذها بركة تطبيقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة، وعلى ذلك فإن المداومة على قرائتها فيها بركة عظيمة ومنفعة كبيرة للعباد.
ما هو فضل آية الكرسي؟
إن آية الكرسي هي أعظم آية في كتاب الله؛ وذلك لأنها جمعت من أصول الأسماء والصفات من الإلهية والوحدانية والحياة والعلم والملك والقدرة والإرادة كما قال النووي في شرح مسلم، ولها العديد من الفضائل التي وردت في أحاديث كثيرة عن النبي صلوات ربي وتسليمه عليه.
وقيل أن آية الكرسي لها لساناً وشفتين، في مسند أحمد عن أبي بن كعب: أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله أي آية في كتاب الله أعظم؟ قال: الله ورسوله أعلم فرددها مراراً ثم قال أبي: آية الكرسي، قال: ليهنك العلم أبا المنذر.. والذي نفسي بيده إن لها لسانا وشفتين تقدس الملك عند ساق العرش. قال الهيثمي: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت. رواه النسائي وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير.
وعن علي رضي الله عنه قال: سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول وهو على أعواد المنبر: من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت، ولا يواظب عليها إلا صديق أو عابد، ومن قرأها إذا أخذ مضجعه آمنه الله على نفسه وجاره وجار جاره والأبيات حوله.
وحديث أبي بن كعب رواه ابن حبان في صحيحه والنسائي في السنن الكبرى ولفظه: أنه كان لهم جرن فيه تمر وكان أبي يتعاهده فوجده ينقص فحرسه فإذا هو بدابة تشبه الغلام المحتلم، قال: فسلمت فرد السلام، فقلت: من أنت أجن أم إنس، قال: جن، قال: فناولني يدك، فناولني يده فإذا يد كلب وشعر كلب، قال: هكذا خلق الجن، قال: لقد علمت الجن ما فيهم أشد مني، قال له أبي: ما حملك على ما صنعت، قال: بلغنا أنك رجل تحب الصدقة فأحببنا أن نصيب من طعامك، قال أبي: فما الذي يجيرنا منكم، قال: هذه الآية.. آية الكرسي، ثم غدا أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: صدق الخبيث. وقال الألباني صحيح.
وختاماَ.. فاحرص على قراءة سورة البقرة وقسمها في البداية على ثلاثة أيام، ثم يومين ثم مرة يومياً، ولا تغفل عن بركتها وأنوارها وحصن نفسك ومنزلك بها من الشياطين والحسد، فإن فضائل سورة البقرة الكثيرة كفيلة بأن تجعلنا نقرأها مرة كل يوم، فلا تدع الشيطان يقلل من همتك ويوهمك بأن قراءتها ستستغرق المزيد من الوقت اللازم لعمل أعمال دنيوية كثيرة، بل داوم عليها بقدر استطاعتك وسترى البركة في رزقك ومالك وولدك بحول الله.
01024076008
