مقالات
طرق حفظ القرآن الكريم
إن حفظ القرآن الكريم في الصدور لغايةً عظيمة للعباد، ومن أعظم حظاً ممن توفرت له الفرصة في صغره لحفظ آيات الله فشب على تلاوة وحفظ القرآن الكريم وصار يتلو الآيات في صلاته وفي أي وقت كان بسهولة ويُسر.
وأعظم ما يمكن تقديمه من الآباء والأمهات لأطفالهم هو الحرص على تعليمهم القرآن وحفظه في هذا السن؛ فحفظ القرآن يجعل الطفل متعلقاً بكتاب ربه، كما أن القرآن يقوم سلوكه ويكسبه العديد من المهارات اللغوية ويجعله متمكناً من قواعد اللغة العربية.
ولا شك أن الحفظ لا يقتصر على الصغار فقط، فهناك العديد من طرق حفظ القرآن الكريم للكبار أيضاً، سنتحدث اليوم عن هذه الطرق ببساطة آملين من المولى عزوجل أن نلتزم بحفظ وتثبيت القرآن الكريم في قلوبنا جميعاً.
لم يتسنى للكثير منا حفظ كتاب الله في صغره على أيدي الشيوخ والعلماء، ولكن ما زالت أمام نصب أعيننا الفرصة لحفظ القرآن الكريم والعمل بآياته، وما أجمل أن يمر العمر في الحفظ والتكرار حتى تثبت الآيات في القلوب حتى الممات، ومن أسهل طرق حفظ القرآن التي أثبتت كفاءتها عند الكثير من الحُفاظ هي:
1: الحفظ بعد قراءة التفسير: إن قراءة تفسير القرآن قبل الشروع في حفظه من أكثر طرق حفظ القرآن نجاحاً، فقراءة التفسير تساهم في ربط الآيات والصفحات وفهم وتدبر الآية مع حفظها، فاحرص على قراءة التفسير مثل تفسير السعدي رحمه الله.
2: وضع جدول مسبق: إن حفظ القرآن لهو مشروع العمر، ومن الواجب أن نستعد بعمل خطة مسبقة تختلف من شخص لآخر قبل البدء فيه، لكل شخص حسب قدرته على الحفظ والمراجعة والتثبيت، والنية وحدها لا تكفي فحماس البدايات يمكن أن ينقضي ولكن وضع ورد مقسم من الآيات هي طريقة فعالة من أهم طرق حفظ القرآن الكريم في مدة وجيزة.
3: الحفظ السمعي: تختلف قدرات الأشخاص وأنماطهم الشخصية، ومن أبرز الأنماط الفردية هي النمط السمعي والذي يُعد من أبرز وأقدم طرق حفظ القرآن على مر العصور، فكم من طفل لا يقرأ يحفظ آيات الله بمنتهى الدقة والإتقان، ويرجع ذلك لقدرتهم على استرجاع الآيات بذاكرتهم السمعية المميزة التي تحتفظ بها عن طريق الأذن دون الحاجة لمراجعة مرئية.
4: الحفظ بطريقة الحصون الخمسة: تُعد طريقة الحصون الخمسة من أبرز وأيسر طرق حفظ القرآن الكريم، وهي تطبيق عملي من أصول نبوية يصلح للتدريس والممارسة في أماكن تحفيظ القرآن، وقد شبه د سعيد حمزة في كتابه (الحصون الخمسة في حفظ القرآن الكريم) هذه الطريقة بمن يريد بناء قلعة لها حصون لكي يحافظ عليها، وتتمثل هذه الطريقة في خطوات خمسة هم كالآتي:
القراءة المستمرة للقرآن.
التحضير المسبق.
مراجعة البعيد.
مراجعة القريب.
الحفظ الجديد.
وتساهم هذه الطريقة في حفظ الجديد مع تثبيت الأجزاء القديمة في آن واحد، وبذلك يصل الشخص لغايته ويختم القرآن حفظاً في فترة قصيرة بمنتهى الإتقان.
5: الحفظ في المسجد: إن الحفظ مع شيخ أو مُعلمة ممن يتقنون أحكام التجويد يساعد في تثبيت الآيات وتلاوتها جيداً بالأحكام الصحيحة، لذلك لا تتكاسل في السؤال عن دور التحفيظ والمساجد التي تضم الشيوخ والمُعلمات لتحفيظ الأطفال والكبار أيضاً.
6: الحفظ عبر وسائل التواصل الاجتماعي: هناك العديد من جروبات الفيسبوك والواتس اب والتيليجرام التي تضم قامة من المُعلمات الفضليات التي تهتم بتحفيظ القرآن، وتُعد هذه الطريقة من أيسر طرق حفظ القرآن الكريم في هذا الوقت، فبدون الخروج من المنزل أو البحث الطويل تجد مُعلمات يقرعون بابك دون جهد منك في السعي لتحفيظ كتاب الله.
هناك العديد من الفضائل التي تعود على العبد الحافظ لكتاب الله والتي وردت في الكثير من الأحاديث الشريفة وأهمها الآتي:
1: إن حفظ القرآن سنة متبعة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، في مسلم عن فاطمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن جبريل كان يعارضه بالقرآن كل عام مرة، وإنه عارضه به في العام مرتين، كما أن حفظه سبباً في الحصول على شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث الشريف: اقرؤوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه، رواه مسلم.
2: النجاة من النار: إن حفظ القرآن ينجي العبد من عذاب النار، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لو جمع القرآن في إهاب ما أحرقه الله بالنار، رواه البيهقي وصححه الألباني.
3: أهل القرآن هم أهل الله وخاصته: هل سمعت الجملة جيداً؟!
هل استشعرت مدى عظمة الأجر؟
هل تمنيت يوماً أن تكون من أهل الله وخاصته؟
إن حفظ كتاب الله يجعل العبد في منزلة عظيمة، فقد روى النسائي وابن ماجه وغيرهما من حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن لله أهلين من الناس، قالوا: ومن هم يا رسول الله؟ قال: أهل القرآن هم أهل الله وخاصته، والحديث صححه الألباني.
4: زيادة المنزلة في الجنان: يرفع القرآن العبد درجات في الجنة، روى أبو داود والترمذي والنسائي وأحمد كلهم عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقال لقارئ القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها، كما روى ابن ماجه في سننه وأحمد عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً يقال: لصاحب القرآن إذا دخل الجنة اقرأ واصعد، فيقرأ ويصعد بكل آية درجة حتى يقرأ آخر شيء معه.
5: منزلة السفرة الكرام: يجعل القرآن أهله في أعلى المنازل في الدنيا والآخرة فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، متفق عليه.
ويقول صلى الله عليه وسلم إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين، رواه مسلم.
6: خير من الدنيا وما فيها: إن تعلم القرآن والعمل به هو أعظم الأعمال التي تغني العبد عن كنوز الدنيا جميعها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين، وثلاث خير من ثلاث، وأربع خير من أربع ومن أعدادهن من الإبل، رواه مسلم.
جدد النية باستمرار عند الحفظ أنها لله وحده.
لا تغفل عن الدعاء في كل وقت أن ييسر الله لك حفظ كتابه والعمل به.
لا تحفظ وردك قبل أن تسمعه جيداً بصوت شيخ متقن لأحكام التجويد.
لا تدع يوماً يذهب منك دون حفظ آية جديدة أو مراجعة جزء سبق حفظه.
استغل وقت البكور في الحفظ، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم بارك لأمتي في بكورها، ففي هذا الوقت يكون الذهن صافي كامل التركيز وذلك يُسهل من الحفظ بإتقان.
احرص على اختيار مكان خالي مما يشتت ذهنك عند الحفظ.